رؤوس الناس، وكان يحفظ له ما كان من مدائحه إياهم قبل خروجه، فقال له: ويحك يا سديف ليس لي فيك حيلة، وقد أخذتك ظاهراً على رؤوس الناس، ولكني أعاود فيك أمير المؤمنين. فكتب إلى أبي جعفر يخبره بأمره، فكتب إليه يأمره بقتله، فجعل يدافع عنه ويعاوده في أمره، فكتب إليه: والله لئن لم تقتله لأقتلنك، ولا يغرنك قولك: أنا عمه. فدافع بقتله حتى حج المنصور، فلما قرب من الحرم أخرج عبد الصمد سديفاً من الحرم فضرب عنقه، ثم خرج للقاء المنصور، فلما لقيه دنا منه، وهو في قبته، فسلم عليه، فقال له أبو جعفر من قبل أن يرد عليه السلام: ما فعلت في أمر سديف؟ قال: قتلته يا أمير المؤمنين. قال: وعليك السلام يا عم، يا غلام أوقف. فأوقف، ثم أمره فعادله.
وذكر أبو بكر البلاذري بسنده عن علي بن صالح قال: كان سديف مائلاً إلى المنصور، فلما استخلف وصله بألف دينار، فدفعها إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن معونة له، فلما قتل محمد صار مع أخيه إبراهيم بالبصرة، حتى إذا قتل إبراهيم أتى المدينة، فاستخفى بها، فيقال: إنه طلب له الأمان من عبد الصمد بن علي وهو واليها، فأمنه، وأحلفه أن لا يبرح من المدينة، وقدم المنصور المدينة فقيل له: هذا سديف رأيناه ذاهباً وجائياً. فبعث في طلبه، وأخذ عبد الصمد بن أشد أخذٍ ووجد عليه في أمره، فلما أتي بسديف أمر به فجعل في جوالق، ثم خيط عليه، وضرب بالخشب حتى كسر، ثم رمي به في بئر وبه رمقٌ حتى مات.
[سراقة بن مرداس الأزدي البارقي]
شاعر من شعراء العراق. قدم دمشق في أيام عبد الملك هارباً من المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان قد هجاه، ثم رجع إلى العراق مع بشر بن مروان. وكان بينه وبي جرير مهاجاة قال أبان بن عثمان البجلي الكوفي: كان سراقة البارقي شاعراً ظريفاً تحبه الملوك، وكان قاتل المختار، فأخذه أسيراً، فأمر