قبرين متلاصقين، قد خرج من هذا القبر ساق شجرة، ومن هذا القبر ساق شجرة، حتى إذا صارا على قامةٍ التفا، فكان الناس يقولون تآلفا في الحياة وفي الموت.
قال إسحاق: فقلت لمعاذ: أترى أي ضربٍ هو من الشجرة؟ فقال: لا أدري، ولقد سألت أهل القرية عنه فقالوا لا تعرف هذا الشجر ببلادنا.
[عمارة أخت الغريض]
كانت عمارة من أحسن الناس وجهاً وغناءً. واشتراها عبد الله بن جعفر من العبلات مولياتها، وكتمها من زوجته، وكان يجد بها وجداً شديداً، ثم أهداها إلى يزيد بن معاوية.
وفيها يقول بعض فتيان المدينة: من الخفيف
لو تمنيت فانتهيت لكانت ... غاية النفس في المنى عماره
بأبي وجهك الجميل الذي يز ... داد حسناً وبهجة ونضاره
وكان عبد الله بن جعفر اشتراها بثلاثين ألف درهم، ووقعت منه أحسن موقع، ثم وفد إلى معاوية ومعه سائب خاثر وغيره، فلما ورد عليه سر به وأنس بمكانه؛ وكان يسمر معه، فبينا معاوية ليلة خرج من بعض دور حرمه إذ سمع غناءٌ من نحو دار يزيد ابنه، فسعى نحوه حتى قرب منه، فإذا سائب خاثر يغنيه: من الرمل
بينما ينعتني أبصرنني ... دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتى ... قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها ... قد عرفناه وهل يخفى القمر
فما فرغ من الصوت حتى طرب معاوية فضرب برجله الأرض وبعث إلى ابن جعفر