حدث أبو الزعيزعة كاتب مروان بن الحكم: أن مروان دعا أبا هريرة، فأقعده خلف السرير، فجعل يسأله، وجعلت أكتب، حتى إذا كان عند رأس الحول دعا به، فأقعده من وراء الحجاب، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب، فما زاد ولا نقص، ولا قدم ولا أخر.
وعن أبي الزعيزعة: أن مروان بعث معه إلى أبي هريرة بمئة دينار، فلما كان الغد قال له: اذهب فقل له: إنما أخطأت، وليس إليك بعث بها، وإنما أراد مروان أن يعلم أيمسكها أبو هريرة، أو يفرقها. قال: فأتيته، فقال: ما عندي منها شيء، ولكن إذا خرج عطائي فاقتصوها.
قال سليمان بن عبد الملك لأبي الزعيزعة: هل أتخمت قط؟ قال: لا. قال: لم؟ قال: لأنا إذا طبخنا أنضجنا، وإذا مضغنا رفقنا، ولا نكظ المعدة، ولا نخليها.
[سالم خادم ذي النون الإخميمي]
صحبه وحدث عنه قال: بينا أنا أسير مع ذي النون في جبل لبنان إذ قال لي: مكانك يا سالم، لا تبرح حتى أعود إليك. فغاب عني ثلاثة أيام، وأنا أتقمش من نبات الأرض وبقولها، وأشرب من غدر الماء، ثم عاد بعد ثلاث متغير اللون خائراً، فلما رآني ثابت إليه نفسه فقلت له: أين كنت؟ فقال: إني دخلت كهفاً من كهوف الجبل، فرأيت رجلاً أغبر أشعث نحيفاً نحيلاً، كأنما أخرج من حفرته، وهو يصلي، فلما قضى صلاته سلمت عليه، فرد علي، وقام إلى الصلاة، فما زال يركع ويسجد حتى قرب العصر. فصلى العصر، واستند إلى حجر المحراب يسبح. فقلت له: يرحمك الله توصيني بشيء، أو تدعو لي بدعوة. فقال: يا بني، آنسك الله بقربه. وسكت. فقلت: زدني. فقال: يا