للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفه أختبر نفسه لحقته إفاقة، ففتح عينيه، فكدت أن أموت فزعاً من أن يراني مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي، فرجعت إلى الخلف، وتعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس، وعثرت به، فاتكأت عليه، فاندق سيفي، وكاد أن يدخل في لحمي ويجرحني، فسلمت وخرجت. فاستدعيت سيفاً ومنطقة فلبستها، وجئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة. فتلف الواثق بلا شك، فتقدمت، فسددت لحييه، وغمضته، وسجيته، ووجهته إلى القبلة، وجاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزائن، لأن جميعه مثبت عليهم، وترك وحده في البيت، وقال لي ابن أبي دواد القاضي: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت، فكن أنت ذلك الرجل، وكنت من أخصهم به لأنه أحبني حتى لقبني الواثقي، باسمه، فحزنت عليه، فرددت باب المجلس، وجلست في الصحن عند الباب أحفظه. وكان المجلس في بستان عظيم، فحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني، فدخلت أنظر ما هي، فإذا بجرذون من دواب البستان قد جاء حتى استل عين الواثق فأكلها، فقلت: لا إله إلا الله، هذه العين التي فتحها من ساعة - فاندق سيفي هيبة لها - صارت طعمة لدابة ضعيفة، وجاؤوا فغسلوه، فسألني ابن أبي دواد عن عينه فأخبرته.

وكان الواثق أبيض إلى الصفرة، جسيماً، حسن الوجه، جميلاً، في عينه اليمنى نكتة بياض.

[هارون بن معاوية أبي عبيد الله الأشعري]

عم معاوية بن أبي صالح حدث عن محمد بن أبي قيس بسنده إلى أبي ليلى الأشعري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تمسكوا بطاعة أئمتكم، لا تخالفوهم، فإن طاعتهم طاعة الله، وإن معصيتهم معصية الله، فإن الله بعثني أدعو إلى سبيله بالحكمة، والموعظة الحسنة، فمن خلفني في ذلك فهو مني وأنا منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>