للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلي وولدي وإخواني بلا حق أوجب ذلك علي، وبكى الشيخ، وبكى الواثق، وبكينا، وسأله الواثق أن يجعله في حل، فقال: والله لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراماً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ كنت رجلاً من أهله، فقال الواثق: لي إليك حاجة، فقال: إن كانت ممكنة فعلت، فقال الواثق: تقيم عندنا فننتفع بك، وينتفع بك فتياننا، فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن ردك إلى الموضع الذي أخرجني عنه هذا الظالم أنفع لك من مقامي عندك، وأصير إلى أهلي وولدي أكف دعاءهم عليك، فقد خلفتهم على ذلك، قال الواثق: فتقبل منا صلةً تستعين بها على دهرك، قال: يا أمير المؤمنين، لاتحل لي، أنا عنها غني، وذو مرة، سوي، فقال: سل حاجة، قال: أو تقضيها؟ قال: نعم، قال: يخلى لي السبيل الساعة إلى الثغر، قال: قد أذنت لك، فسلم عليه وخرج. قال المهتدي: فرجعت عن هذه المقالة، وأحسب أن الواثق رجع عنها منذ ذلك الوقت.

وفي حديث آخر بما معناه: وسقط ابن أبي دواد في عينه، ولم يمتحن بعد ذلك أحداً.

لما احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين: البسيط

الموت فيه جميع الخلق مشترك ... لا سوقة منهم يبقى ولا ملك

ما ضر أهل قليل في تفاقرهم ... وليس يغني على الإملاك ما ملكوا

ثم أمر بالبسط، فطويت، وألصق خده بالأرض، وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه.

حدث محمد أمير البصرة قال: كنت أحد من مرض الواثق، لما مات، فكنت واقفاً بين يديه مع جماعة إذ لحقته غشية، فما شككنا أنه مات فقال بعضنا لبعض: تقدموا، فاعرفوا خبره، فما جسر أحد منهم يتقدم، فتقدمت أنا. فلما صرت عند رأسه، وأردت أن أضع يدي على

<<  <  ج: ص:  >  >>