سألنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن تقرأ عليه كتب الشافعي، فأجابنا إلى ذلك على أن تكون قراءتنا في منزله. قال: فجئنا. فابتدأنا بالقراءة عليه. وكان رجل ممن يتفقه بقول المدنيين - يقال له محمد بن المعيد - عنده مجلس. قال: فجاء فوجدنا، ونحن نقرأ عليه، فقال لنا: روحوا، فإن لنا مجلساً، وأي شيء يصنع بهذه الكتب؟! قال: فقلت له أنا، ومحمد يسمع: ليس يمنعك أنت من هذه الكتب إلا أنك لا تحسن تقرأ فيها. فقال: أنا لا أحسن أن أقرأها؟ أنا أقرأ كتب عبد الملك بن الماجثون، ولا حسن أن أقرأ بكتب الشافعي؟! قال: وكان محمد متكئاً، فجلس إنكاراً لقوله، فقال: يا عبد الله، والله ما عبد الملك بن الماجثون عند محمد بن إدريس الشافعي إلا بمنزلة الفطيم عند الكبير! قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: قال الشافعي: يا محمد، لا تحدث عن حي، فإن الحي لا يؤمن عليه أن ينسى. قال محمد: وذلك أني سمعت من الشافعي حكاية، فحكيتها عنه، فنميت إليه، فأنكرها، فاغتم أبي لذلك غماً شديداً، وكنا بجنبه، فمضيت، فوقفته على الكلمة، فذكرها، فقال لي: لا تحدث عن حي، فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان.
روى أبو سليمان بن زبر، عن الطحاوي قال: سنة ثمان وستين ومئتين، فيها مات محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، في ذي القعدة، وصلى عليه بكار بن قتيبة، وهو ابن ست وثمانين سنة.
وقيل: مات سنة تسع وستين ومئتين.
[محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبيد الله]
أبو بكر الأسدي الحلبي، المعروف بالأسير، أخو الإمام قدم دمشق.