وكذب أبوك وكذبت أمك. وغضب ابن عبد الحكم، فترك مجلس الشافعي، وتقدم فجلس في الطاق الثالث، وترك طاقاً بين مجلس الشافعي ومجلسه. وجلس البويطي في مجلس الشافعي في الطاق الذي كان يجلس، وهو الطاق الذي كان يجلس فيه الربيع أيامنا، إلا أن الشافعي - رحمه الله - كان يجلس مستقبل القبلة، وكان الربيع يجلس مستدبر القبلة.
وقال: وقال لي ابن عبد الحكم: كان الحميدي معي في الدار نحواً من سنة، وأعطاني كتاب ابن عيينة، ثم أبوا إلا أن يوقعوا بيننا ما وقع.
قال عبد الرحمن بن عيسى المعروف بابن القابلة: سمعت المزني يقول: كنا نأتي الشافعي، فنسمع منه، فنجلس على باب داره، فيأتي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، فيصعد إليه، فيطيل المكث، وربما تغدى معه، ثم نزل، فيقرأ علينا الشافعي، فإذا فرغ من قراءته، قرب إلى محمد دابته، فركبها، وأتبعه الشافعي بصره، فإذا غاب شخصه قال: وددت أن لي ولداً مثله وعلي ألف دينار دين لا أجد لها قضاء.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: قال لي أبي: يا بني، كان مالك بن أنس يشبه بالسلف الماضين. وإني لأرجو أن تكون له خلفاً. فالزم العلم تسد في الدنيا والآخرة.
وثقه كثيرون، وعده النسائي في فقهاء أهل مصر.
حدث أبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي قال: رأيت رجلاً من أهل مصر، وهو محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، يصلي الضحى، فكان كلما صلى ركعتين سجد سجدتين. فسأله من سأله ممن يأنس به عن السجدتين اللتين يسجدهما بين كل ركعتين، ماذا تريد بهما؟ قال: شكراً لله على ما نعم به علي من صلاة الركعتين.