ابن المهلب، أبو خلف، ويقال أبو حاتم الأزدي كان من وجوه دولة المنصور، قدم معه دمشق، وولاه إفريقية؛ وولي روح البصرة والكوفة للمهدي.
قال روح بن حاتم: بينا أنا واقف على باب بعض ولاة البصرة إذ أقبل خالد بن صفوان على بغلة له فقال لي: يا روح، ما هجرت ولا ظهرت على باب أحد من الولاة إلا وأنا أراك عليه، أكل هذا حباً للدنيا وحرصاً عليها؟ قال: فأجللته أن أجيبه ثم قلت: إنما هذا مثل العم، ولعله أراد الجواب مني فقلت: والله يا عم لحسبك برؤيتك إياي عليها طلباً منك لها، فضحك ثم قال: لئن قلت ذاك يابن أخ لقد ذهب رونق الوجوه، وخمار القلب، وحسام الصلب، وسناء البصر، ومدى الصوت، وماء الشباب، واقترب عهاد العلل، والله ما أتت علينا ساعة من أعمارنا إلا ونحن نؤثر الدنيا على ما سواها، ثم لا تزداد لنا إلا تخلياً وعنا إلا تولياً؛ ثم ضرب دابته وذهب.
قال روح بن حاتم: ما كنت أظن أن أحداً أشد عصبيةً مني، فبينا أنا أطوف حول البيت إذا أنا برجل يدعو يقول: اللهم اغفر لي ولأبي، فقلت: يا هذا، لو قلت: اللهم اغفر لي ولوالدي! قال: إن أمي من بني تميم، فأنا أحب أن لا يغفر الله لها.
بعث روح بن حاتم إلى كاتب له ثلاثين ألف درهم وكتب إليه: قد بعثت بها إليك، ولا أقللها تكبراً ولا أكثرها تمنناُ، ولا أطلب عليها ثناءً ولا أقطع بها عنك رجاءً.
كان أبو دلامة الشاعر في جيش والأمير فيه روح بن حاتم، فواقف روح العدو يوماً، فخرج رجل من العدو يدعو للبراز، فالتفت روح كالمعاتب إلى أبي دلامة فقال: اخرج إلى هذا الرجل، فسكت أبو دلامة قليلاً، ثم أنشأ يقول:
إني أعوذ بروح أن يقدمني ... إلى القتال فتشقى بي بنو أسد