حدث عن محمد بن عمر القرشي قال: لما هدم الوليد بن عبد الملك الكنيسة التي في مغارب المسجد، وجد في أساسه حجراً مكتوباً بالعبرانية، فأتوا الوليد بن عبد الملك فقالوا: وجدنا في أساس الحائط حجراً فيه كتاب لا ندري بأي لسان! فجمع أهل الكتب فلم يجد أحداً يقرؤه، فقال له رجل من اليهود: ابعث إلى وهب بن منبه اليماني، فإنه يقرأ كل كتاب؛ فأرسل إليه، فقام إلى الحجر فقرأه، ثم بكى بكاءً شديداً، ثم دخل على الوليد بن عبد الملك فقال: ويحك يا وهب! لقد بكيت من شيء عظيم، فقال: لقد رأيت في هذا الحجر عظةً لمن اتعظ، وعبرةً لمن اعتبر؛ قال: وما رأيت؟ قال: رأيت: يا بن آدم، لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو به من أملك، وإنما يكفي ندمك إن زلت قدمك، وأسلمك أهلك وجسمك، وفارقك الحبيب، وودعك القريب، فلا أنت إلى أهلك بعائد، ولا في عملك بزائد؛ فاحتل ليوم القيامة، قبل الحسرة والندامة.
[رومان مؤدب ولد عبد الملك ابن مروان]
قال رومان: كتب إلي عبد الملك بكلمات يأمرني أن أحدثهن ولده، فقال: مرهم بإحراز ما أقبل قبل إدباره؛ والتعزي عن المدبر بعد تعذيره؛ وكتمان ما في النفس دون الخلصان؛ ومؤازرة الثقة من الإخوان؛ وتوقع انتقاض الإخوان؛ وقلة التعجب من غدر الخلان.