قال أبو معشر: لما مات معاوية بن يزيد بايع أهل الشام كلهم لابن الزبير إلا أهل الأردن. فلما رأى ذلك رؤوس بني أمية وناس من أهل الشام من أشرافهم وفيهم روح بن زنباع الجذامي، قال بعضهم لبعض: إن الملك كان فينا أهل الشام، فينتقل ذلك إلى الحجاز! لا نرضى بذلك.
كتب عبد الملك إلى روح بن زنباع: كيف تقول إذا تخوفنا الصواعق؟ قال: تقولون: اللهم، إنا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوب إليك. ثلاثاً.
وأرسل عبد الملك إلى روح بن زنباع: كيف تقول إذا قحطت السماء؟ قال: تقولون: اللهم، الذنب الذي حبست عنا به المطر، فإنا نستغفرك منه فاغفر لنا واسقنا الغيث. ثلاث مرات.
دخل روح بن زنباع على عبد الملك وعنده الوليد ابنه، وكان روح ذا مكانة عند عبد الملك، فقال يا أمير المؤمنين أعدني على الوليد، فقال: مالك وله؟ قال: شكوت إليه عبيده في ضيعتي الفلانية التي تجاور ضيعته الفلانية فلم يشكني، فقال الوليد: أسرعت خيلك يا أبا زرعة! قال: نعم، مرتين يا بن أخي، مرة بصفين، ومرة بمرج راهط، وقام مغضباً؛ فقال عبد الملك للوليد: اركب إليه وهب له الضيعة بما فيها من عبيدها وأكرتها. فلم يسمعه روح حتى قيل له: الوليد بالباب، فخرج إليه، فاعتذر ووهب له الضيعة وما فيها ورجع إلى عبد الملك فأخبره بذلك.
قال الوليد بن أبي عون: كان روح بن زنباع إذا دخل الحمام فخرج منه أعتق رقبة.
حدث الشافعي قال: قال هشام بن عبد الملك لما مات روح بن زنباع، قال لبعض الناس: كيف كان روح؟ ثم قال: قال روح: والله ما أردت باباً من أبواب الخير إلا تيسر لي، ولا أردت باباً من أبواب الشر إلا لم يتيسر لي.