قال أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن فهر: اجتمعنا بمصر في منزل أبي عبد الله محمد بن محمد بن حمدون، الرجل الصالح، ومعنا شاب جميل عفيف، يقال له: علي بن حمدية الخشاب، وكان حسن الصوت بالقرآن، فتذاكرنا حب الصحابة وفضائلهم وبعض الروافض وكفرهم، فحدثنا عن أبيه حمدية، أنه أخبره قال: كنت كثير التخليط في شبيبتي، مرتكباً للمعاصي، وكنت مخالطاً لغلام حدث على ريبة، فوجدت عليه يوماً موجدة شديدة لرؤيتي له مع غيري.
فلما خلوت معه حملني الغيظ عليه أن قتلته وقطعت أعضاءه وجعلته في مكتل، ورميت به في النيل.
وكان أبواه قد عرفا صحبته إياي، وكانا لا يمنعانه مني مخافة عليه مني، فلما فقداه سألاني عنه، فقلت لهما: مالي به علم، فقالا: نخشى أنك قتلته، فقال لهما: لم أفعل ولقد ذهب مع غيري، وأنا أجتهد في طلبه حيث أطمع به.
ثم خرجت، فإذا بنفسي لا أستقر في بلد حتى أتيت دمشق.
فبينا أنا ليلة من الليالي ساهراً، إذ سمعت ضرباً شديداً بجانب بيتي حتى قلقت من سماعه، فلما أصبحت نقبت الجدار الذي بيني وبين البيت حتى فتحت فيه مقدار ما أبصر بعيني الواحدة.
فلما جن الليل، وهدأت الأصوات سمعت الحركة والكلام، فتأملت، فإذا شيخ يقول: هاتوا أبا بكر. فقدمت بين يديه صورة رجل فخاطبها فقال: يا أبا بكر، فعلت كذا وصنعت كذا وصنعت كذا، ثم أمر بضرب الصورة حتى عددت مئتي جلدة، ثم قال: ارفعوا عنه. هاتوا عمر، فأتي بصورة أخرى، فضربت مثل ذلك، ثم قال: