أبو القاسم بن أبي سعيد قسيم الدولة، التركي، الملك العادل نور الدين وناصر أمير المؤمنين كان جده آق سنقر قد ولاه السلطان أبو الفتح ملكشاه بن ألب أرسلان حلب، وولى غيرها من بلاد الشام، ونشأ أبوه قسيم الدولة بعده بالعراق، وندبه السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان برأي الخليفة المسترشد بالله أمير المؤمنين لولاية ديار الموصل والبلاد الشامية بعد قتل آق سنقر البرسقي وموت ابنه مسعود، فظهرت شهامته في مقاتلة العدو - خذله الله - وثبوته عند ظهور متملك الروم ونزوله على شيزر حتى رجع إلى بلاده خائباً.
وحاصر أبوه قسيم الدولة بدمشق مرتين فلم يتيسر له فتحها، وفتح الرها والمعرة وكفر طاب وغيرها من الحصون الشامية، واستنفذها من أيدي الكفار، فلما انقضى أجله - رحمه الله - قام ابنه نور الدين - أعزه الله - مقامه في ولاية الإسلام.
ومولده على ما ذكر كاتبه أبو اليسر شاكر بن عبد الله التنوخي المعري وقت طلوع الشمس من يوم الأحد سابع عشر من شوال سنة إحدى عشرة وخمسمئة؛ ولما راهق لزم خدمة والده إلى أن انتهت مدته ليلة الأحد السادس من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمسمئة على قلعة جعبر، وكان محاصراً لها، ونقل تابوته إلى مشهد الرقة فدفن بها.