قال عمر بن شبة: كان الأحنف بن قيس عند معاوية، ليس عنده غيره فغنت جاريةٌ من جواري معاوية في جانب الدار، فأقبل على الأحنف فقال: يا أبا بحر، لا ترم حتى أعود إليك، إني لأطلب خلوة هذه فما أكاد أقدر على ذلك. ثم قام في إثرها، فكأنما كانت لابنة قرظة امرأة معاوية عينٌ على معاوية، فأقبلت به ملببته فقلت لها: أكرمي أسراكم. قالت: اسكت يا قواد! وكان معاوية يحب ابنة قرظة امرأته حبا شجيجاً، فجرى بينهما وبين يزيد كلامٌ، فأغلظ لها يزيد، فوثبت عن مجلسها مغضبة كأنها رمحٌ هز أسفله فاضطرب أعلاه فأتبعها معاوية بصره، ثم التفت إلى ابنه فقال: يا بني إنه ليس لأبيك صبرٌ عما ترى، فأحسن حمل رأسك.
[فاطمة بنت الحسن]
أم أحمد العجلية قالت أم أحمد: كان بالثغر رجلٌ من تناء البلد من المجاهدين، فلقوا في بعض الغزوات العدو، فكانت على المسلمين هزيمة، وكان تحته فرسٌ يضن به، فحركه للمضي، فوقف، فقال: يا مبارك بسم الله، فالتفت إليه الفرس فقال: أنت تسلم علفي إلى السواس يأخذونه ولا يطعموني منه إلا القليل، فقال: لك علي عهد الله إن أعلفتك الشعير إلا في حجري. فحركه فجرى به وسلم. فكان الناس يجيئون إليه وهو يعلف الفرس في حجره، فيسمعون منه هذه الحكاية. فبلغ خبره ملك الروم فقال: بلدٌ يكون فيه مثل هذا الرجل لا يقدر عليه. فأنفذ إليه بعض من تنصر من المسلمين، فجاء إليه وأراه عبادةٌ وصلاةٌ وصياماً واجتماعاً فنفق عليه، فما تمكن منه قال: قد اشتهينا نخرج نمشي في الصحراء، فلم يصدق بذلك صاحب الفرس، فخرجا جميعاً، فلم يزل يستجره إلى أن وصلوا إلى قبةٍ على أصل قناة