وأصحابه - وسار معهم صاحب الشرطة حتى أخرجهم من الكوفة، فلما انتهوا إلى جبانة عرزم نظر ابن ضبيعة العبسي إلى داره في جبانة عرزم فإذا بناته مشرفات، فقال لوائل بن حجر وكثير: ائذنوا لي فأوصي أهلي، فأذنا له، فلما دنا منهن، وهن يبكين، سكت عنهن ساعة، ثم قال: اسكتن، فسكتن، فقال: اتقين الله، واصبرن، فإني أرجو من ربي في وجهي هذا إحدى الحسنيين: إما الشهادة، فهي السعادة، وإما الانصراف إليكن في عافية. وإن الذي كان يرزقكن، ويكفيني مونتكن هو الله، وهو حي لا يموت؛ أرجو أن لا يضيعكن، وأن يحفظني فيكن. ثم انصرف. فمر بقومه، وجعل قومه يدعون الله له بالعافية. فقال: إنه لمما يعدل عندي خطر ما أنا فيه هلاك قومي. يقول حيث لا ينصرونني. وكان رجا أن يتخلصوه.
قال خليفة: سنة إحدى وخمسين - فيها - قتل معاوية حجر بن عدي ومن معه.
[قبيصة العبسي]
أحد بني رواحة. رسول معاوية إلى بن أبي طالب إلى المدينة.
عن محمد وطلحة قالا: حتى إذا كان في الثالث من الأشهر من مقتل عثمان في صفر دعا معاوية برجل من بني عبس، ثم أحد بني رواحة يدعى قبيصة، فدفع إليه طوماراً مختوماً عنوانه:" من معاوية إلى علي "، فقال له: إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار، ثم أوصاه بما يقول. وسرح رسول علي معه. فخرجا، فقدما المدينة في ربيع الأول لغرته؛ فلما دخلا المدينة رفع العبسي الطومار كما أمره، وخرج الناس ينظرون إليه، فتفرقوا إلى منازلهم، وقد علموا أن معاوية معترض. ومضى الرسول حتى دخل على علي، فدفع إليه الطومار، ففض خاتمه، فلم يجد في جوفه كتاباً، فقال الرسول: ما وراءك؟ قال: آمن