للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحمد بن عمار أبو بكر الأسدي]

رجل من المتعبدين.

قال أحمد بن عمار: خرجنا مع المعلم في جنازة ومعه جماعة من أصحابه فرأى في طريقه كلاباً مجتمعة، بعضها يلعب مع بعض، ويتمرغ عليه، ويلحسه، فالتفت إلى أصحابه فقال: انظروا إلى هذه الكلاب ما أحسن أخلاق بعضها مع بعضٍ. قال: ثم عدنا من الجنازة وقد طرحت جيفة، وتلك الكلاب مجتمعة عليها وهي تتهارش، بعضها على بعض فيخطف هذا من هذا ويهر عليه وهي تتقاتل على تلك الجيفة، فالتفت المعلم إلى أصحابه فقال لهم: قد رأيتم يا أصحابنا متى لم تكن بينكم الدنيا فأنتم إخوان، ومتى ما وقعت الدنيا بينكم تهارشتم عليها تهارش الكلاب على الجيفة.

قال أحمد بن عمار الأسدي - وكان مسكنه في قرية قريبة من قرية أبي عبيد البسري - قال: قال أبو عبيد البسري: النفاق حيث السريرة، فاتق الله عز وجل أن يرى أنك تخشى الله عز وجل وقلبك فاجر.

كان ابن عمار ينصرف إلى منزله فيجد أهله قد ناموا وتركوا له في نويعيرة ما يأكله، فكان إذا وافى ثرد خبزه في قصعةٍ وصب عليه ما يكون في النويعيرة. فأصلحوا في بعض الأيام دجاجة وتركوا له في النويعيرة جزة منها، وكانوا قد عجنوا، وبقي فضلة ماء العجين في نويعيرة أخرى فوافى ليلاً وقد ناموا فثرد الخبز على عادته واتفق أنه أخذ النويعيرة التي فيها ماء العجين فصبه على الخبز وأكل. فلما أصبحوا وجدوا سهمه من الدجاجة على حاله فذكروا له ذلك فقال: ما أكلت إلا الذي كان في قسمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>