كنا عند الحسن بن علي فأتاه آت فقال: يا أبا سعيد، دخلنا آنفاً على عبد الله بن الأهتم فإذا هو يجود بنفسه فقلنا: أبا معمر، كيف تجدك؟ قال: أجدني والله وجعاً ولا أظنني إلا لمآبي. ولكن ما تقولون في مئة ألف في هذا الصندوق لم تؤد منها زكاة، ولم يوصل منها رحم؟ قلنا: يا أبا معمر، فلمن كنت تجمعها؟ قال: كنت أجمعها لروعة الزمان، وجفوة السلطان، ومكاثرة العشيرة. فقال الحسن: البائس، انظروا أنى أتاه شيطانه فحذره روعة زمانه وجفوة سلطانه عما استودعه الله إياه وعمره فيه. فخرج والله منه سليباً حزيناً ذميماً مليماً، إيهاً عنك أيها الوارث لا تخدع عما خدع صويحبك أمامك، أتاك هذا المال حلالاً فإياك وإياك أن يكون وبالاً عليك، أتاك ممن كان له جموعاً منوعاً، يدأب فيه الليل والنهار، ويقطع فيه المغاوز والقفار، من باطل جمعة ومن حق منعه، جمعه فأوعاه وشده فأوكاه، لم يؤد منه زكاة، ولم يصل فيه رحماً، إن يوم القيامة ذو حسرات، وإن أعظم الحسرات غداً أن يرى أحدكم ماله في ميزان غيره، أو تدرون كيف ذاكم؟ رجل آتاه الله مالاً فأمره بإنفاقه في صنوف حقوق الله فبخل به. فورثه هذا الوارث فهو يرى ماله في ميزان غيره، فيا لها عثرة لا تقال وتوبة لا تنال.
[عبد الله بن أبي زكريا إياس]
ابن يزيد أبو يحيى الخزاعي من فقهاء أهل دمشق، كانت داره بدمشق إلى جانب دار الحجارة، فباعها واشترى داراً بباب الشرقي رغبة في كثرة الخطا إلى المسجد الجامع.
ذكر الواقدي أنه كان يعدل بعمر بن عبد العزيز.
حدث عبد الله بن أبي زكريا عن أبي الدرداء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء أبائكم، فحسنوا أسماءكم.
استزار عمر بن عبد العزيز عبد الله بن أبي زكريا وهو بدير سمعان فأتاه فقال له: يا بن زكريا، مرحباً بك قال: وبك يا أمير المؤمنين أهلاً وسهلاً. قال: يا بن أبي زكريا، عرضت لي إليك حاجة، قال: على الرأس والعينين يا أمير المؤمنين