للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله شاهد على ما ترى، ورقيب على ما يخفى. ثم ولت مدبرةً. فوالله يا أمير المؤمنين ما أستحلي طيباً إلا غصصت به، ولا أرى حسناً إلا سمج في عيني لتشكيها.

فقال سليمان: كاد الجهل أن يستفزني، والصبا أن يعاودني بسحر ما رأيت، وحسن ما سمعت. أبا زيد، أتدري من تلك؟ هي الزلفاء، باعها أمير المؤمنين من أخيه بألف ألف درهم، وهي عائقة لمن باعها، وأمير المؤمنين عاشق لها. والله لا مات من يموت إلا بحسرتها، ولا يفارق الدنيا إلا بغصتها.

قم أبا زيد، واكتم المفاوضة. يا غلام، نعله. وأمر بإخراجه.

[أبو زيد الدمشقي]

حكى عن عمر بن عبد العزيز قال: لما ثقل عمر بن عبد العزيز دعي له طبيب، فلما نظر إليه قال: أرى الرجل قد سقي السم، ولا آمن عليه الموت. فرفع عمر بصره فقال: ولا تأمن الموت أيضاً على من لم يسق السم! قال الطبيب: هل حسست بذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قد عرفت حين وقع في بطني، قال: فتعالج يا أمير المؤمنين، فإني أخاف أن تذهب نفسك، قال: ربي خير مذهوب إليه؛ والله لو علمت أن شفائي عند شحمة أذني ما رفعت يدي إلى أذني فتناولته، اللهم خر لعمر في لقائك. قال: فلم يلبث إلا أياماً حتى مات رحمه الله.

[أبو زيد الأعمى]

وفد على هشام بن عبد الملك، وشهد وفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>