فلما أفضت الخلافة إلى المأمون بعث إلى عامله بنيسابور، وأمره أن يولي يحيى بن يحيى القضاء. فبعث إليه يستدعيه، فقال بعض الناس: إنه يمتنع من الحضور. فأنفذ إليه كتاب المأمون، فقرئ عليه، فامتنع من القضاء. فرد إليه ثانياً وقال: إن أمير المؤمنين يأمرك بشيء، وأنت من رعيته، فتأبى عليه؟! فقال: قل لأمير المؤمنين: ناولتني قلماً وأنا شاب، فلم أقبله، فتجبرني الآن على القضاء وأنا شيخ! فرفع الخبر إلى المأمون بذلك، فقال: علمت امتناعه، ولكن، ول القضاء رجلاً يختاره. فبعث إليه العامل في ذلك، فاختار رجلاً من نيسابور، فولي القضاء.
قال: والرسم هناك أن يلبس القضاة السواد. فدخل ذلك القاضي على يحيى وعليه سواد، فضم يحيى فراشاً كن جالساً عليه، كراهية أن يجمعه وإياه. فقال: أيها الشيخ، ألم تخترني؟ قال: إنما قلت أختاره، وما قلت لك تقلد القضاء.
قال أبو الفضل بن خيرون: توفي أبو القاسم الزنجاني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.
[يوسف بن الحسين بن علي أبو يعقوب]
الرازي الصوفي، صاحب ذي النون المصري زاهد معروف موصوف.
قال: قلت لأحمد بن حنبل: حدثني، فقال: ما تصنع بالحديث يا صوفي؟ فقلت: لا بد حدثني، فقال: حدثنا مروان الفزاري، عن هلال بن سويد أبي المعلى، عن أنس قال: أهدي إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طائران، فقدم إليه أحدهما، فلما أصبح قال: عندكم من غداء؟ فقدم إليه الآخر، فقال: من أين ذا؟ فقال بلال: خبأته لك يا رسول الله، فقال: يا بلال، لا تخف من ذي العرش إقلالاً، إن الله يأتي برزق كل غد.