روى عن أبيه، قال: بعثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية، فلما لغنا المغار استحثثت فرسي فسبقت أصحابي، فتلقاني الحي بالرنين، قال: قلت: قولوا: لا إله إلا الله تحرزوا، فقالوها؛ فلامني أصحابي وقالوا: حرمتنا الغنيمة عد أن بردت بأيدينا؛ فلما قدمت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبروه بما صنعت، فدعاني، فحسن لي ما صنعت وقال:" إن الله قد كتب لك من كل إنسان منهم كذا وكذا ". ثم قال:" أما إي سأكتب لك كتاباً أوصي بك من يكون بعدي من أئمة المسلمين ".
قال: فكتب لي كتاباً ختم عليه دفعه إلي، وقال لي:" إذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحداً: اللهم أجرني من النار - سبع مرات - فإنك إن مت من ليلتك تلك كتب الله لك جواراً من النار، فإذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحداً: اللهم أجرني من النار - سبع مرات - فإنك إن مت من يومك ذلك كتب الله لك جواراً من النار ".
قال: فلما قبض الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتيت أبا بكر بالكتاب، ففضه وقرأه وأمر لي بعطاء، وختم عليه، ثم أتيت بع عمر ففضه فقرأه، وأمر لي وختم عليه، ثم أتيت به عثمان ففعل مثل ذلك.
فقال ابن الحارث: فتوفي الحارث في خلافة عثمان وترك الكتاب عندنا، فلم يزل عندنا حتى كتب عمر بن عبد العزيز إلى العامل بلدنا يأمره بإشخاصي إليه بالكتاب، فقدمت عليه ففضه، فأمر لي وختم عليه، وقال: لو شئت أن يأتيك هذا وأنت في منزلك لفعلت، ولكن أحببت أن تحدثني بالحديث على وجهه. قال: فحدثته به.
[مسلم بن الحجاج بن مسلم]
أبو الحسين القشيري، النيسابوري، الحافظ صاحب الصحيح، الإمام المبرز والمصنف المميز، رحل وجمع. وصنف فأوسع، وسمع بدمشق والري والعراق والحجاز ومصر.