عن عائشة قالت: رجع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البقيع - وفي رواية: من جنازة من البقيع - فدخل فوجدني وأنا أحد صداعاً في رأسي وأنا أقول: وارسأاه. قال: بل أنا والله يا عائشة وارأساه. ثم قال: ومايضرك لومت قبلي فقمت عليك فكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك؟ قالت: والله لكأني بك لو فعلت ذلك قد رجعت إلى بيتي، فأعرست فيه ببعض نسائك. قالت فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وتتام به وجعه حتى استعز به، وهو في بيت ميمونة، فدعا نساءه فسأبهن أن يأذن له أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن عباس ورجل آخر، تحط قدماه، عاصباً رأسه حتى جاء بيتي. قال عبيد الله: فحدثت هذا الحديث عبد الله بن عباس قال: تدري من الرجل الآخر؟ قال: قلت: لا. قال: علي. ثم غمي على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واشتد به وجعه ثم أفاق. قال: أهريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم. قالت: فأقعدناه في مخضب لحفصة بنت عمر، فصببنا عليه الماء حتى طفق يقول بيده: حسبكم حسبكم. قال: ثم خرج عاصباً رأسه، فجلس على المنبر، فكان أول ما تكلم به أن صلى على أصحاب أحد، فأكثر الصلاة عليهم ثم قال: إن عبداً من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده الله فأختار ما عند الله. قال: ففهما أبو بكر فبكى، وعرف أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه يريد. قال: على رسلك يا أبا بكر.
انظروا هذه الأبواب الشارعة في المسجد فسدوها إلا ما كان من بيت أبي بكر، فإني لا أعلم أحداً كان أفضل عندي في الصحبة منه. وروى ابن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وأبي بكر بن عبد الله أن الذي كان ابتدأ به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجعه الذي لزمه أن دخل على عائشة وهو يجد صداعاً، فوجدها تصدع وتقول: وارأساه فقال: بل أنا والله ياعائشة وارأساه،