ذات ليلة أقبل عليه الوليد فقال: يا أبا البنات، لقد أسرع الشيب إليك، فقال له أبو هاشم: أتعيرين بالبنات؟ فقد كان نبي الله شعيب أبا بنات، وكان نبي الله لوط أبا بنات، وكان محمد خير البرية صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليهم أبا بنات، فأي عيب فيما عيرتني به؟ فغضب الوليد من قوله، وقال له: إنك رجل تحب المماراة، فارحل عن جواري. قال: نعم والله أرحل عنك، فما الشام لي بوطن، ولا أعرج فيها على شجن، ولقد طال فيها همي، وكثر فيها ديني، وما أنا لك بحامد، ولا إلى جوارك بعائد. ونهض، وقد أحفظ الوليد، فخرج عن دمشق متوجهاً إلى المدينة، فدس إليه إنساناً يبيع اللبن وفيه السم، وكان عبد الله يحب اللبن ويشتهيه، فلما سمعه ينادي على اللبن تاقت إليه نفسه، فاشتري له منه، فشربه فأوجعه بطنه، واشتد به الأمر، فأمر أصحابه فعدلوا به إلى الحميمة، وبها محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فنزل عليه، فمرضه وأحسن إليه. فلما حضرته الوفاة أوصى إلى محمد بن علي ببيته وعلمه وأشيائه كلها، وأمر شيعته الكيسانية بالائتمام به فدفن.
وقيل إن الذي سم أبا هاشم سليمان بن عبد الملك، وسنذكر ذلك في ترجمته.
قال نجيح السندي: رأيت زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب يأتي الجمعة من ثمانية أميال.
[زيد بن الحواري أبو الحواري]
العمي البصري يقال إنه مولى زياد بن أبيه، وفد على سليمان بن عبد الملك، وشهد وفاته بمرج دابق، وكان قاضياً بهراة في ولاية قتيبة بن مسلم.
حدث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ستر بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا نزع ثوبه أن يقول: بسم الله.
وحدث زيد العمي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سألت ربي عز وجل فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي، فأوحى الله إلي: يا محمد،