قال علقمة بن جرير السلمي: جئت معاوية بن أبي سفيان، فوجدت نباتة بن وثيمة البصري وابن عارض الجشمي، فانتظرنا إذنها أياماً، ثم خرج علينا يوماً راكباً فاعترضناه، فقال: لم يخف عليّ مكانكم، فإذا أصبحتم فاغدوا عليّ.
قال: فغدونا عليه، فتحدث وتحدثنا، ثم أقبل عليّ فقال: يا علقمة، هل كانت عندكم طريفة خبر أو أعجوبة؟ قال: قلت: قد كان. أفأحدثك؟ قال: ذلك أردت. فقلت له: أقبلت قبل مخرجي إليك، أسوق شارفاً لي، أريد أن أنحرها عند الحي، فأدركني الليل بين أبيات بني الشريد، فإذا عمرة بنت مرداس بن أبي عامر عروساً، وأمها الخنساء بنة عمرو بن الشريد. فقلت لهم: انحروا هذا الجزور، فاستعينوا بها على بعض ما أنتم فيه. وجلست معهم، فلما هيئت أذن له، فدخلنا عليها، فإذا جارية وضيئة على الأدمة، وإذا أمها الخنساء جالسة متلففة بكساء أحمر قد هرمت، وإذا هي تلحظ الجارية لحظاً شديداً.
فقال القوم: بالله إلا تحرشت بها فإنها الآن تعرف بعض ما أنت فيه، فقامت الجارية تريد شيئاً، فوطئت على قدمها وطأة أوجعتها، فقالت وهي معتبطة: حس، إليك يا حمقاء! والله كأنما تطئين أمةً ورهاء تغني. فقالت الخنساء: أنا والله كنت أكرم منك عرساً، وأطيب ورساً، وذلك زماني إذ كنت فتاة أعجب الفتيان، أشرب اللبن غضاً