عبد الله بن محمد بن أبي يزيد الخلنجي القاضي ولي قضاء الكرخ ببغداد. وقيل: ولي قضاء دمشق. وكان من رؤوس أصحاب أحمد بن أبي داؤد. وكان الخلنجي من المجردين للقول بخلق القرآن المعلنين به. وكان حاذقاً بالفقه، على مذهب أبي حنيفة، واسع العلم، ضابطاً. وتقلد المظالم. فأخبر ابن أبي دؤاد أنه مشتغل عالم بالقضاء ووجوهه، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم فولاه قضاء همذان، فأقام نحو عشرين سنة لا يشكى، وتلطف له محمد بن الجهم في مال عظيم فلم يقبله. ولما ولي الشرقية ظهرت عفته وديانته لأهل بغداد. وكان فيه كبر شديد، وكتب إليه المعتصم في أن يمتحن الناس، وكان يضبط نفسه، فتقدمت إليه امرأة فقالت: إن زوجي لا يقول بقول أمير المؤمنين في القرآن ففرق بيني وبينه، فصاح عليها. فلما كان في سنة سبع وثلاثين في جمادى عزله المتوكل، وامره أن يكشف ليفضحه بسبب ما امتحن الناس في خلق القرآن، فما انكشف عليه أنه أخذ حبة واحدة.
وكان القاضي عبد الله هو ابن أخت علوية المغني، وكان تياهاً صلفاً. وكان يجلس إلى أسطوانة من أساطين المسجد فيستند إليها بجميع جسده ولا يتحرك، فإذا تقدم إليه الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده وترك الاستناد حتى يفصل بينهما ثم يعود إلى حاله،