للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعمد بعض المجان إلى رقعة من الرقاع التي يكتب فيها الدعاء وألصقها في موضع ذنبته وطلاها بدبق، وجاء الخلنجي فجلس كما كان يجلس فالتصقت ذنبته بالدبق وتمكن منها.

فلما تقدم إليه الخصوم وأقبل عليهم بجميع جده كما كان يفعل انكشف رأسه وبقيت الذنبة في موضعها مصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَى الله عليه وسلمى الله عليه وسلموبة، فقام الخلنجي مغضباً وعلم أنها حيلة وقعت عليه. فغطى رأسه بطيلسانه وانصرف وتركها مكانها حتى جاء بعض أصحابه فأخذها. وقال بعض شعراء أهل عصره فيه: المنسرح

إن الخلنجي من تتايهه ... أثقل بادٍ لنا بطلعته

ماتيه ذي نخوةٍ مناسبة ... بين أخاوينه وقصعته

يصالح الخصم من يخاصمه ... خوفاً من الجورفي قضيته

لو لم تدبقه كف قانصه ... لطار تيهاً على رعيته

قال: وشهرت الأبيات والقصة ببغداد، وعمل علوية حكاية أعطاها للزفانين والمخنثين فأحرجوه فيها. وكان علوية يعاديه لمنازعةٍ كانت بينهما، ففضحه. واستعفى الخلنجي من القضاء ببغداد، وسأل أن يولى بعض الكور البعيدة، فولي جند دمشق أو حمص. فلما ولي المأمون الخلافة غناه علوية بشعر الخنلجي وهو: الطويل

برئت من الإسلام إن كان ذا الذي ... أتاك به الواشون عني كما قالوا

ولكنهم لما رأوك غريةً ... بهجري تواصوا بالنميمة واحتالوا

فقد صرت أذناً للوشاة سميعةً ... ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا

فقال له المأمون: من يقول هذا الشعر؟ قال: دمشق. فأمر المأمون بإحضاره فحضر، وجلس المأمون وأحضر علوية ودعا بالقاضي فقال له: أنشدني قولك: برئت من الإسلام إن كان ذا الذي. فقال له: يا أمير المؤمنين، هذه أبيات قلتها منذ

<<  <  ج: ص:  >  >>