وعن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: قال لي أبي: يا بني، إني قد كبرت سني وحان مني، خذ بيدي. فاتكأ علي حتى جاء البقيع مكاناً لا يدفن فيه فقال: إذا هلكت فادفني هاهنا، ولا تضربن علي فسطاطاً، ولا تمشين معي بنار، ولا تبك علي باكية، ولا تؤذن أحداً، وليكن مشيك بي خبباً، فجعل الناس يأتوني فيقولون: متى تخرج به؟ فأكره أن أخبرهم وقد نهاني، فقلت: إذا فرغت من جهازه، فخرجت به من صدر يوم الجمعة، فوجدت البقيع قد ملىء علي ناساً.
توفي أبو سعيد بعد الحرة، وكانت الحرة سنة إحدى وستين، وتوفي أبو سعيد سنة ثلاث وستين، وقيل: توفي سنة أربع وستين، وقيل: توفي سنة أربع وسبعين.
[سعد بن مسعود أبو مسعود الصدفي]
عديد التجيبيين.
روى سعد بن مسعود: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في مجلس فرفع نظره إلى السماء ثم طأطأ نظره، ثم رفعه، فسئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقال: إن هؤلاء القوم كانوا يذكرون الله يعني أهل مجلسٍ أمامه فنزلت عليهم السكينة تحملها الملائكة كالقبة، فلما دنت منهم تكلم رجلٌ منهم بباطلٍ فرفعت عنهم.
وحدث سعد بن مسعود عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ليت شعري كيف أمتي بعدي حين تتبختر رجالهم وتمرح نساؤهم، وليت شعري حين يصيرون صنفين: صنفاً ناصبي نحورهم في سبيل الله، وصنفاً عمالاً لغير الله.
قال سعد بن مسعود التجيبي: إذا رأيت الرجل دنياه تزداد، وآخرته تنقص، مقيماً على ذلك، راضياً به فذلك المغبون الذي يفلت بوجهه وهو لا يشعر.