للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسكم، اشغلوا الأعرابي إلى ما أوافيكم، فإن جئت ولم أوافه خربت القرية، وقتلت الرجال.

وخلى المعلم الطيور إلى دمشق بخبر الأعرابي، وموافاته القرية، فلما أن وصل الخبر إلى أماجور ضرب بالبوق، وخرج من وقته حتى وافى اليرموك في أسرع وقت وأحدقوا بالقرية، فأصاب الأعرابي في وسط القرية، فأخذه وأردفه خلف بعض غلمانه، ووافى به دمشق، فلما أصبح أماجور دعا بالأعرابي فقال له: ما حملك على أن رأيت رجلاً من أولياء السلطان في قرية لم يؤذك ولم يعارضك، نتفت خصلتين من سباله، فقال الأعرابي: كنت سكران أيها الأمير لم أعقل ما فعلت، فقال أماجور: ادعوا لي بحجام، فأتي بحجام، فقال: لا تدع في وجه الأعرابي ولا في رأسه، ولا على بدنه شعرة إلا نتفتها، فبدأ بأشفار عينيه ثم بحاجبيه ثم بلحيته ثم بشاربه، ثم برأسه، ثم بيديه، فما ترك عليه شعرة إلا نتفها، ثم قال: هاتوا الجلادين، فأتي بالجلادين، فضربه أربع مئة سوط، ثم أمر بحبسه، فلما كان من الغد، دعا به فضربه أربع مئة سوط آخر، ثم قطع يديه، فلما أن كان اليوم الثالث قطع رجليه فلما أن كان في اليوم الرابع ضرب رقبته وصلبه، ثم دعا بذلك الجندي من الحبس، فضربه مائة عصا وأسقط اسمه، وقال: أنت ليس فيك خير لنفسك حيث رأيت أعرابياً واحداً ليس معه أحد ولا غلمان ولا أصحاب استخذيت له وخضعت له حتى فعل بسبالك ما فعل.

كيف يكون لي فيك خير إذا احتجت إليك؛ وطرده.

قال أبو يعقوب الأذرعي: لما بنى أماجور الفندق الذي في الخواصين كتب على بابه: مائة سنة وسنة.

قال: فما عاش بعد أن كتب ذلك إلا مائة يوم ويوم، وتوفي أماجور أمير دمشق في سنة أربع وستين ومائتين.

قال أبو علي الحسن بن قريش المحاملي: رأيت أماجور الأمير في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي.

قلت: بماذا؟ قال: بضبطي لطرق المسلمين، وطريق الحاج.

[أمد بن أبد الحضرمي اليماني]

أحد المعمرين، استقدمه معاوية بن أبي سفيان.

قالوا: إن معاوية قال: إني لأحب أن ألقى رجلاً قد أتت عليه سنٌّ، وقد رأى

<<  <  ج: ص:  >  >>