الناس يخبرنا عما رأى.
فقال بعض جلسائه: ذلك رجل بحضرموت.
فأرسل إليه، فأتي به، فقال له: ما اسمك؟ قال: أمد.
قال: ابن من؟ قال: ابن أبد.
قال: ما أتى عليك من السن؟ قال: ستون وثلاث مائة.
قال: كذبت.
قال: ثم إن معاوية تشاغل عنه، ثم أقبل عليه، فقال: ما اسمك؟ قال: أمد.
قال: ابن من؟ قال: أبد.
قال: كم أتى عليك من السن؟ قال: ثلاث مئة وستون سنة.
قال: فأخبرنا عما رأيت من الأزمان، أين زماننا هذا من ذلك؟ قال: وكيف تسأل من تكذب؟ قال: إني ما كذبتك، ولكني أحببت أن أعلم كيف عقلك.
قال: قال: يوم شبيه بيوم، وليلة شبيه بليلة، يموت ميت، ويولد مولود، فلولا من يموت لم تسعهم الأرض، ولولا من يولد لم يبق أحد على وجه الأرض.
قال: فأخبرني هل رأيت هاشماً؟ قال: نعم رأيته رجلاً طوالاً، حسن الوجه، يقال، إن بين عينيه بركةً أو غرة بركةٍ.
قال: فهل رأيت فهل رأيت أمية؟ قال: نعم، رأيته رجلاً قصيراً أعمى، يقال: إن في وجهه شراً أو شؤماً: قال: فهل رأيت محمداً؟ قال: من محمد؟ قال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال: ويحك، ألا فخمته كما فخمه الله؟ فقلت: رسول الله.
قال: فأخبرني، ما كانت صناعتك؟ قال: كنت رجلاً تاجراً.
قال: فما بلغت تجارتك؟ قال: كنت لا أشتري عيباً ولا أرد ربحاً.
قال له معاوية: سلني.
قال: أسألك أن تدخلني الجنة.
قال: ليس ذلك بيدي ولا أقدر عليه، قال: أسألك أن ترد علي شبابي، قال: ليس ذاك بيدي ولا أقدر عليه، قال: لا أرى بيديك شيئاً من أمر الدنيا ولا من أمر الآخرة.
قال: فردني من حيث جئت، قال: أما هذا فنعم.
ثم أقبل معاوية على أصحابه، فقال: لقد أصبح هذا زاهداً فيما أنتم فيه راغبون.
قالوا: كذا جاء اسمه، فالله أعلم، هل هو اسمه الذي سمي به، أو هو اسم سمى به نفسه عند طول عمره؟