والبدن، والرغبة فيها يورث الهم والحزن، فإذا أتاك كتابي فهيئ زادك، وقدم لمعادك، وكن وصي نفسك، ولا تجعل وصيك غيرك، وصم دهرك، واجعل الموت فطورك، فما يسرني أن الله عز وجل خولني أضعاف ما خولك، فيشغلني بك عنه طرفة عين والسلام.
قال الأصمعي: سمعت جعفر بن سليمان يقول: ماساد منا إلا سخي على الطعام. قال: كنت أتغذى مع جعفر على مائدته فجاء الطباخ بصحفة ليضعها واستعجل الطباخ، فزلقت الصحفة من يده في حجر جعفر بن سليمان وعليه جبة خز نفيسة، قال: فكان بعض من كان على المائدة أغرى بالطباخ فقال جعفر: ما أراد البائس إلا خيرا إنما أراد أن يتقرب إلى قلوبنا، خذ يا غلام الجبة، ودفعها إليه.
كان جعفر بن سليمان حيا إلى سنة أربع وسبعين ومئة.
[جعفر بن أبي طالب عبد مناف]
ابن عبد المطلب بن هاشم الطيار ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسلم وهاجر الهجرتين، واستعمله نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غزوة مؤتة بعد زيد بن حارثة، واستشهد بها. ومؤتة بأرض البلقاء.
قالت أم سلمة: لما ضاقت على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة، وأوذي أصحابه، وقنتوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منعة من قومه ومن عمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحداً عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها أرسالاً حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمنا على ديننا، ولم نخش ظلماً. فلما رأت قريش أنا قد أصبنا داراً وأمناً، اجتمعوا