حدث الحارث بن عميرة عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ".
وعن الحارث بن عميرة قال: قدمت إلى سلمان إلى المدائن، فوجدته في مدبغة له يعرك إهاباً بكفيه، فلما سلمت عليه قال: مكانك حتى أخرج إليك. قال الحارث: والله ما أراك تعرفني، أنا عبد الله. قال: بلى، قد عرفت روحي روحك، قبل أن أعرفك، فإن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها في الله عز وجل ائتلف، وما كان في غير الله اختلف.
حدث عبد الرحمن بن غنم، عن حديث الحارث بن عميرة الحارثي:
انه قدم مع معاذ من اليمن، فبت معه في داره وفي منزله، فأصابهم الطاعون، فطعن معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة وأبو مالك، جميعاً في يوم واحد، وكان عمرو بن العاص حين أحس بالطاعون فرق فرفقاً شديداً فقال: يا أيها الناس، تبددوا في هذه الشعاب وتفرقوا، فإنه قد نزل بكم أمر من الله لا أراه إلا رجزاً أو الطوفان. قال شرحبيل بن حسنة: قد صاحبنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنت أضل من حمار أهلك قال: عمرو: صدقت. قال معاذ بن جبل لعمرو بن العاص: كذبت. ليس بالطوفان ولا بالرجز، ولكنها رحمة ربكم، ودعوة نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقبض الصالحين قبلكم، اللهم ائت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة، فما أمسى حتى طعن عبد الرحمن ابنه الذي كان يكنى به بكره وأحب الخلق إليه، فرجع معاذ من المسجد فوجده مكروباً. فقال: يا عبد الرحمن، كيف أنت؟ فاستجاب له فقال: يا أبه، الحق من ربك فلا تكن من الممترين فقال معاذ: وأنا إن شاء الله ستجدني من الصابرين. فأمسكه ليلته ثم دفنه من الغد. فأخذ بامرأتيه جميعاً فأراد أن يقرع بينهما أيهما تجيء قبل الأخرى فقال الحارث بن عميرة: جهزهما جميعاً أبا عبد الرحمن ونحفر لهما قبراً واحداً، فشق لإحداهما والحد للأخرى. فما عدا أن فرغ