قال ابن أبي زكريا: وكان أبو أسيد الفزاري يغتسل كل يوم لصلاة الصبح، ثم يغدو إلى المسجد، فيصلي الصبح، ثم يجلس، فيذكر الله حتى تمكنه السبحة، ثم يقوم يركع، فلا يزال يركع حتى نصف النهار، ثم ينصرف إلى أم الدرداء، فتقوم عليه أم الدرداء بمنزلة الأمة له، فإذا سمع المؤذن راح، فلا يزال قائماً يصلي حتى العصر، ثم يصلي العصر، ثم يجلس بعد العصر، فيذكر لله حتى المغرب، ثم يصلي المغرب، ثم يقوم، فيركع، فلا يزال راكعاً حتى ينصرف آخر النهار من العشاء الآخرة، ثم ينصرف إلى أهله، وهو مع هذا صائم. قال: وكان منزله عند باب الشرقي، فيفطر مع أهله، ثم ينام نومة، فعسى ألا ينام آخر أهل بيته حتى يستيقظ، فلا يزال قائماً يصلي حتى يصبح.
قال: فجاءه ابن أبي زكريا، فقال: قد علمت أنه كان من الناس كيت وكيت. فقال أبو أسيد: ذكر الله شفاء، وذكر الناس داء. ثم لم يره ما يحب حتى فارقه.
قال سعيد: فهذا أعجب إلي من عبادته.
قال سعيد أو غيره: شهد أبو أسيد جنازة، فمر بعتبة باب داره، فإذا هو قد أصلح، فقال: ما نظرت إلى هذا بنهار منذ ثماني عشرة سنة.