فاجلدوهم ثمانين جلدة، واستتيبوهم، وإن قالوا: حلال فاضرب أعناقهم. فدعاهم، فسألهم، فقالوا: بل حرام، فجلدهم، فاستحيوا، فلزموا البيوت، ووسوس أبو جندل.
وكتب أبو عبيدة إلى عمر: إن أبا جندل قد وسوس إلا أن يأتيه الله عز وجل على يديك بفرج، فاكت إليه، وذكره. فكتب إليه:
من عمر إلى أبي جندل:" إنَّ اللهَ لا يغفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به، ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلك لمَنْ يَشاءُ "، فتب، وارفع رأسك، وابرز، ولا تقنط؛ فإنه يقول:" يا عِباديَ الذينَ أَسْرَفُوا على أنفسِهم لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمةِ الله، إنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنوبَ جميعاً إنه هُوَ الغفورُ الرحيمُ ". فلما قرأه عليه أبو عبيدة تطلق، وأسفر عنه. وكتب إلى الآخرين بمثل ذلك. فبرزوا. وكتب إلى الناس: عليكم أنفسكم، من استوجب الغير فغيروا عليه. ولا تعيروا أحداً فيفشوا فيكم البلاء.
قالوا: وجاشت الروم: دعونا نغزهم، فإن قضى الله تعالى بالشهادة فذاك، وإلا عمدت للذي تريد. فاستشهد ضراب بن الأزور في قوم، وبقي الآخرون فحدوا.
[أبو الجنوب المؤذن المؤدب]
مؤذن الضحاك بن قيس.
عن عمر بن مهاجر: أن أبا الجنوب مؤذن الضحاك بن قيس كان معلم كتاب، فجاءه، فسلم عليه ثم قال: والله إني لأحبك أيها الأمير لله تعالى، فقال له الضحاك بن قيس: وأنا والله أبغضك لله تعالى. قال: ولم؟ قال: إنك ترتشي في التعليم، وتبغي في التأذين.