قال: فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة: قد بانت لي الضلالة؛ ثم اقترب فقاتل حتى قتل. وكان الذي قتل عمار بن ياسر أبو غادية المزني، طعنه برمح فسقط، وكان يومئذ يقاتل في محفة، فقتل يومئذ وهو ابن أربع وتسعين سنة. فلما وقع أكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه؛ فأقبلا يختصمان فيه، كلاهما يقول: أنا قتلته، فقال عمرو بن العاص: والله، إن تختصمان إلا في النار؛ فسمعها منه معاوية؛ فلما انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو بن العاص: ما رأيت مثلما صنعت! قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما إنكما تختصمان في النار؟! فقال عمرو: وهو والله ذاك، والله إنك لتعلمه، ولوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
وقيل: إن ذا الشهادتين مات في زمن عثمان بن عفان.
[خزيمة بن حكيم السلمي البهزي]
قيل: إن له صحبة، وإنه خرج مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بصرى في تجارة.
قال الزهري: قدم خزيمة بن حكيم السلمي ثم البهزي على خديجة ابنة خويلد، وكان إذا قدم عليها أصابته بخير، ثم انصرف إلى بلاده. وإنه قدم عليها مرة فوجهته مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع غلام لها يقال له ميسرة إلى بصرى، وبصرى من أرض الشام؛ فأحب خزيمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حباً شديداً، حتى اطمأن إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له خزيمة: يا محمد؛ إني أرى فيك أشياء ما أراها في أحد من الناس، وإنك لصريح في ميلادك، أمين في أنفس قومك، وإني أرى عليك من الناس محبة، وإني لأظنك الذي يخرج بتهامة. فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فإني محمد رسول الله. قال: أشهد إنك لصادق، وإني قد آمنت بك، فلما انصرفوا من الشام رجع خزيمة إلى بلاده، وقال: يا رسول الله إذا سمعت بخروجك أتيتك. فأبطأ على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى إذا كان يوم فتح مكة أقبل خزيمة حتى وقف على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له رسول الله لما نظر إليه: مرحباً بالمهاجر الأول. قال خزيمة: أما والله