ذكر وهب بن منبه أن في ربض الجنة نهراً من أنهار الجنة، فهو أصل أنهار الأرض كلها التي أظهرها الله عز وجل حيثما أراد أن يظهرها، وأن النيل نهر العسل في الجنة، ودجلة نهر اللبن في الجنة، والفرات نهر الخمر في الجنة، وسيحان وجيحان نهران بأرض الهند وهما نهرا الماء في الجنة.
وذكر قصة نهر يزيد وأصله، وفصل ذلك تفصيلاً تماماً وما تفرع منه ومن غيره ثم قال: فهذه الأنهار التي ينتفع بها القاصي والداني، وينقسم منها الماء إلى البلد في القني فينتفع به الناس الانتفاع العام ويتفرق إلى البرك والحمامات، ويجري في الشوارع والسقايات وذلك من المرافق الهنية، والفضيلة العظيمة التي اعتدت من فضائل هذه المدينة، إذ الماء في أكثر البلاد لا ينال إلا بالثمن، وهو الذي تحصل به حياة النفوس.
وقد ورد في فضل سقي الماء ما روي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ليس صدقة أعظم أجراً من ماء.
وعن عائشة أنها قالت: يا رسول الله، ما لا يحل منعه؟ قال: الماء والملح والنار. يا عائشة، من سقى الماء حيث يوجد فكأنما أعتق نفساً، ومن سقى الماء حيث لا يوجد فكأنما أحيا نفساً، ومن أخذ من منزله ملح فطيب به طعام كان كمن تصدق بذلك الطعام على أهله، ومن أخذت من منزله نار لم ينتفع من تلك النار بشيء إلا كان له صدقة.
وعن أبي موسى قال: سألت ابن عباس: أي الصدقة أفضل؟ قال: سألت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: اسق الماء. قال: ثم؟