حتى ختمها، فقال الوكيل: بع ضيعتي الفلانية، وأعطه نصف ثمنها، واحتبس نصفا لنفقاتنا. فباعها بمئة ألف درهم، فأعطى مسلماً خمسين ألفاً، ورفع الخبر إلى الرشيد، فاستحضر يزيد وسأله، فأعلمه الخبر، فقال: قد أمرت لك بمئتي ألف درهم، استرجع الضيعة بمئة ألف، وتزيد الشاعر خمسين ألفاً، وتحبس خمسين ألفاً لنفسك.
قالوا: وسرق مسلم بن الوليد هذا المعنى من النابغة في قوله: من الطويل
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب
جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب
لهن عليهم عادةٌ قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب
الكواثب: ما يقرب من منسج الفرس.
[زياد بن معاوية بن يزيد]
ابن عمر بن حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أبو خالد الأموي.
حدث زياد عن روح بن الهيثم الغساني بسنده: أن الوليد بن عبد الملك حين هدم الكنيسة التي كانت في مغارب المسجد وجدوا في حائطها الغربي حجراً فيه كتاب بالسرياني، فطلبوا من يقرؤه، فلم يجدوا أحداً يقرؤه، ثم أتاه رجل من اليهود فقال له: وهب بن منبه يقرأ كل كتاب. فبعث الوليد إلى وهب، فقدم إليه، فقرأه. فبكى بكاءً شديداً، فأتوا الوليد فقالوا: يا أمير المؤمنين، هو يبكي منذ قرأه، ثم جاءه، فقال له: يا وهب، ايش رأيت في الحجر؟ قال: رأيت فيه: ابن آدم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طويل ما ترجو من أملك، فإنما تلقى ندمك إن زلت بك قدمك، وأسلمك أهلك وحشمك، وفارقك الحبيب، وودعك القريب، فلا أنت إلى أهلك بعائد، ولا في عملك بزائد، فاحتل ليوم القيامة قبل الحسرة والندامة.