ومات مسلم وهو شاب يوم الجمعة قبل الصلاة الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وخمسمئة، ودفن بعد العصر من ذلك الوم بباب الصغير.
[المسلم بن الخضر بن المسلم بن قسيم]
أبو المجد التنوخي الحموي شاب شاعر، قدم دمشق على ما ذكر لي أبو السر شاكر بن عبد الله التنوخي، وأنشدني له قصيدة يمدح بها أتابك زنكي بن آق سنقر نصير أمير المؤمنين، صاحب الشام، أنشده إياها بقلعة حمص.
قال: وكان ملك الروم نزل شيزر وحاصرها، وأشرفت منه على الهلاك، وكان أتابك يركب كل يوم في جيشه ويقف على تل أرجزا ولا يزول عنه إلى المغرب، وملك الروم على جريجنس - جبل شرقي شيزر - ينظر إلى الجيش، فإذا قال له الفرنج: دعنا نأخذ العسكر ونمضي إليه. يقول لهم: هذا زنكي أتابك يعتبئ النهار كله في هذه المدة لأي سبب؟ إنما يريدني أركب إليه، وإذا حصلنا معه في أرض واحدة ما يبقى لنا سبيل إلى السلامة، وقد جعل تحت كل مكمن كميناً، ونحن الآن على هذه الجبل في حصن، وبيننا وبينه العاصي.
وألقى الله في قلب ملك الروم منه الرعب حتى رحل عنها بعد أحد وعشرين يوماً، وطلب درب أفامية، وترك مجانيقه العظام، وتبعه أتابك إلى بعض الطريق وعاد ظافراً قد حفظ الإسلام بالشام، ورفع المجانيق إلى قلعة حلب المحروسة.
فوصف مسلم بن الخضر بن المسلم بن قسيم، الحال فقال:" من الوافر "
بعزمك أيها الملك العظيم ... تذل لك الصعاب وتستقيم
رآك الدهر منه أشد بأساً ... وشح بمثلك الزمن الكريم