الموسم، فدفعت إلى مكة بليل مسدفٍ فحططت عن ركابين وأصلحت من شأني، فلما أضاء لي جلباب الفجر رأيت قباباً تناغي شعف الجبال مجللة بأنطاع الطائف، فإذا بدنٌ تنحر وأخر تساق، وإذا طهاةٌ وحثثة على الطهاة: ألا اعجلوا، وإذا رجل قائم على نشز من الأرض ينادي: يا وفد الله، الغداء. وإذا رجل آخر على مدرجة الطريق ينادي: ألا من طعم فليرجع للعشاء. قال: فجهرني ما رأيت، فدفعت إلى عميد القوم، فإذا أنا به جالسٌ على عرش له أبنوس، تحته نمرقة خز حمراء، متزرٌ بيمنة، مرتدٍ ببردٍ. له جمةٌ فينانة، قد لاث عليها عمامة خز سوداء، فكأني أنظر إلى أطراف جمته كالعناقيد من تحت العمامة، فكأن الشعري تطلع في وجهه، وإذا خوادم حواسر عن أذرعهم، ومشمرين عن سوقهم، وإذا مشايخ جلة حفوف بعرشه، ما يفيض أحد منهم بكلمة، وقد كان نمى إلي حبر من أحبار الشام أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأمي هذا أوان توكفه، فقلت: عله وعسيت أن أفقه به، فدنوت فقلت: السلام عليك يا رسول الله، فقال: لست به، وكأن قد وليتني به. فقلت لبعض المشيخة: من هذا؟ قالوا: أبو نضلة هاشم بن عبد مناف. قال: فقلت: هذا والله الشرف والثناء الذي لا ينكر.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: هذا والله المجد لا مجد بني جفنة.
[سعيد بن أحمد بن محمد بن نعيم]
ابن أشكاب أبو عثمان بن أبي سعيد العيار الصوفي النيسابوري أحد الطوافين لتسميع الحديث. حدث بدمشق، وأصفهان، وخراسان، وغزنة.
قال أبو محمد فضل الله بن محمد الطبسي: كان الشيخ سعيد العيار رحمه الله شيخاً بهياً ظريفاً، من أبناء مئة واثنتي عشرة سنة