فقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا الذي بعثه الله رحمة للعالمين.
فقال شيوخ من قدم معه من قريش: وما علمك؟ قال: أنكم لما أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً ولا يسجد إلا لنبي، وأعرفه بالصفة وبخاتم النبوة مثل التفاحة أسفل من غضروف كتفه، ثم انطلق بحيرى فأتاهم بطعام، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رعية إبل أصحابه، فقال: أرسلوا إليه، فأرسلوا إليه، فقال بحيرى: انظروا عليه غمامة تظله! فانتهى إليهم وقد علموه على الشجرة فيء الشجرة، فجلس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومال إليه فيء الشجرة، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة كيف مال إليه! فبينا هم يأكلون وهو قائم عليهم؛ إذ هو بفوارس من الروم مقبلين، فلما رآهم بحيرى استقبلهم، فقال: ما جاء بكم؟ فقالوا: جئنا لأنه بلغنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق من طرق الروم إلا وقد بعث عليه قوم وبعثنا إلى هذه الطريق.
فقال: ما وراءكم أفضل لكم، قال: أرأيتم أمراً أراد الله أن يمضيه يستطيع أحد رده؟ فتبعوه وأقاموا وأتاهم بحيرى فقال: أيكم ولي هذا الغلام؟ فأشاروا إلى أبي طالب.
فقال: إنهم إن رأوه عرفوه، فقتلوه، فرده أبو طالب.
وذكر حديث بحيرى لما عمل الطعام ودعاهم إليه، وقد ذكرناه في ترجمة سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال في آخره: وكان رجال من يهود قد رأوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وعرفوا صفته، فأرادوا أن يغتالوه، فذهبوا إلى بحيرى فذاكروه أمره فنهاهم أشد النهي، وقال لهم: أتجدون صفته؟ قالوا: نعم.
فما لكم إليه سبيل، فصدقوه، وتركوه، ورجع أبو طالب فما خرج به سفراً بعد ذلك خوفاً عليه.
[بختري بن عبيد بن سليمان الطابخي]
الكلبي من أهل القلمون من قرية الأفاعي حدث البختري بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رجل من الناس: يا رسول الله ما العاديات ضبحاً؟ فأعرض عنه، ثم رجع إليه من الغد.