أبي عيسى إلى بغداد، وتقدموا إليه في قتله في الطريق، وأن يحمل رأسه إليهم. قال الهدادي: وكنت قاعداً بين يدي أبي عيسى بعد صلاة الغداة، ودخل الغلمان فقالوا: جنى بالباب. فقال لي: الحجرة. فقمت. وأذن له، فدخل إليه فقال: لأي شيء قصدتني، وما تريد؟ قال: تركب معي إلى دار إسحاق بن إبراهيم، نبايع لأمير المؤمنين المعتضد. فقال له: إني قد أمرت بإصلاح حراقة، وقد فرشت، وقد كتبت استأذن في الانحدار إلى أمير المؤمنين، فإن كنت أمرت بشيء فأعلمني، فحلف له أنه ما أمر فيه بشيء، وإنما يريد منه أن يبايع. فركب، وكان آخر العهد به. فلما كان في بعض الطريق، قال له: اعدل إلى دار الموفق، فقال له: أليس حلفت أنك إنما قصدت لأن أبايع في دار إسحاق؟ قال له جنى: يا سيدي، اعذرني، فإني عبد مأمور. ومضى به إلى دار سيما صاحب الشرطة بسر من رأى، ثم سلم إلى المستأمن البصري الشعراني، فقتله بالبردان؛ غرقه وأخذ رأسه. وقبل ذلك دلي في الماء، وقد ثقل بالحديد، ثم أخرج، وهم يظنون أنه قد قضى، فوجدوا به رمقاً، فردوه، فلما قضى، أخرجوه، وأخذ رأسه، ورمي ببدنه في الماء، وكان في إصبعه خاتم ياقوت فأخذه منه الشعراني. وكانت بيعة المعتضد في رجب سنة تسع وسبعين ومئتين.
[محمد بن جعفر بن محمد بن سهل بن شاكر]
أبو بكر الخرائطي السامري من أهل سامراء، صاحب المصنفات، قدم دمشق.
حدث أبو بكر الخرائطي، عن علي بن حرب، بسنده إلى أبي حميد الساعدي: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعمل رجلاً يقال له ابن اللتبية على الصدقة. فلما جاء، قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي. فقام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر، فحمد الله، ثم قال: " ما بال من يستعمل على بعض العمل من أعمالنا، فيجيء فيقول: هذا لكم، وهذا