حدث الأحنف بن قيس: وكان وافداً لأهل البصرة على معاوية وقد دخل النمر بن قطبة، وعلى النمر عباءة قطوانية، وعلى الأحنف مدرعة وشملة، فاقتحمتها عين معاوية. فقال النمر: يا أمير المؤمنين إن العباءة لا تكلمك، وإنما يكلمك من فيها، فقال: اجلس، ثم أقبل على الأحنف، فقال: ثم مه؟
فقال الأحنف: يا أمير المؤمنين أهل البصرة عدد يسير، وعظم كسير، مع تتابع من المحول واتصال من الذحول، فالغني قد أطرق، والمقل قد أملق، وبلغ منه المخنق، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجبر الكسير، ويسهل العسير ويصفح عن الذحول، ويداوي من المحول، ويكشف البلاء لتزول الأواء، ألا وإن للسيد نعماً فلا تخص، ومن يدعو الجفلى، ولا يدعو النقرى، إن أحسن إليه شكر، وإن أسيء إليه غفر، ثم يكون من وراء ذلك لرعيته عماداً يرفع عنهم الملمات ويكشف عنهم المعضلات.
فقال له معاوية: ههنا يا أبا بحر، وتلا هذه الآية:" ولتعرفنهم في لحن القول ".