فإن أنا جزتها فوالله ما أبالي بقولك، وإن هو قصر بي دونها، فأنا أهل لما هو أشد مما قلت لي.
[أبو عمر الدمشقي]
أحد مشايخ الصوفية. كان يقول بالشواهد والصفات، وهذا مذهب لأهل الشام، ربما تكلموا بأشياء تدق في مسائل الأرواح وغيرها. قال: وهذا مكذوب على أبي عمر، لأنه أحد مشايخهم العالمين، وقد رد على الحلولية وأصحاب الشواهد والصفات مقالاتهم، وكان عالماً بعلوم الحقائق، ورد على من تكلم في قدم الأرواح والشواهد. قال أبو الفضل العباس: كان أبو عمر الصوفي يبايت أصحابنا وهو حدث على السماع، فلما كان في بعض الليالي اضطرب وخنق نفسه وأزبد ومات. فجلسنا حوله لا نعلم ما نعمل من أمره، فقال بعضنا لبعض: قطعوه إرباً إرباً ويخرج بكل قطعة منه رجل يرمي به في نهر. ثم تنفس وجلس، فقلنا له: ما شأنك؟ فقال: التوبة، إني كنت أحضر معكم وأستهزىء بما يجري من أصحابنا من الوجد، فلما قام أصحابنا الليلة، جرى في قلبي ذلك الإستهزاء، فإذا بأسود بشيع الخلقة، ومعه حربة من نار فأهوى إلي بها وقال: أتهزأ بأولياء الله؟ ثم لا أدري ما كان مني حتى الساعة، فأنا تائب إلى الله مما سلف. وهذا كان مبدأ حديث أبي عمر، ثم علا حتى صار أحد أئمة القوم.
سئل أبو عمر الدمشقي: أي الخلق أعجز؟ قال: من عجز عن سياسة نفسه. قلت: أي الخلق أقوى؟ قال: من قوي على مخالفة هواه. قلت: أي الخلق أعقل؟ قال: من ترك المكونات وأقبل على مكونها. وقال أبو عمر لرجل يوصيه في سفر يريد أن يخرج إليه: يا أخي، لا تصحب غير الله، فإنه الذي يكفيك المهمات، ويشكرك على الحسنات، ويستر عليك السيئات ولا يفارقك في خطوة من الخطوات.