أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟ قال أبو العز المبارك بن الحسن بن إبراهيم الديلمي: إنه رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فسأله: أي موضع يقيم به، فقال: مكة، قال: فقلت: لمن أذاكر بها؟ قال: الهياج، فإنه رجل صالح.
وكان هياج أوحد عصره في الزهد والورع. كان يصوم ويفطر بعد ثلاث، ويعتمر كل يوم ثلاث عمر، ويدرس عدة من الدروس، ولم يكن يدخر شيئاً، ولا يملك غير ثوب واحد، ونيف على الثمانين، يزور رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل سنة ماشياً حافياً، وكذلك عبد الله بن عباس بالطائف. وكان يأكل بمكة أكلة، ويأكل بالطائف أخرى. وشكا إليه بعض أصحابه أن نعله سرقت في الطواف، فقال: يجب أن تتخذ نعلاً لا تسرق، لأنه رحمه الله منذ دخل الحرم لم يلبس نعلاً.
استشهد بمكة في وقعة وقعت بين أهل السنة والرافضة، فحمله أميرها محمد بن أبي هاشم، وضربه ضرباً شديداً على كبر السن ثم حمل إلى منزله بمكة، فمات في سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة. وقيل: إنه أقام بالحرم نحو أربعين سنة لم يحدث في الحرم، وإنما كان يحدث في الحل حين يخرج للإحرام بالعمرة.
وقيل: توفي هياج سنة أربع وسبعين وأربع مئة، ودفن جانب قبر الفضيل بن عياض.
[الهيثم بن أحمد بن محمد بن مسلمة]
أبو الفرج القرشي الفقيه الشافعي المقرئ، المعروف بابن الصباغ حدث عن أبي منصور محمد بن زريق بن إسماعيل بن زريق البلدي بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو يعلمون ما في شهود العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً.