قال: ائذن، فدخل رجل من أهل اليمامة، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم، سمعت الرواد يدعون إلى ريادتها، وسمعت قائلاً يقول: هلموا أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران، وتشكى فيها النساء، ويتنافس فيها المعزى.
قال الشعبي: فلم يدري الحجاج ما قال. قال: ويحك إنما تحدث أهل الشام فافهمهم، قال: أصلح الله الأمير أخصبت الناس فكان التمر والسمن والزبد واللبن فلا توقد نار يختبز بها. وأما تشكي النساء فإن المرأة تظل تربق بهمها، وتمخض لبنها، فتبيت ولها أمين من عضيدها كأنهما ليس منها. وأما تنافس المعزى فإنها ترعى من أنواع الشجر وألوان الثمر ونور النبات ما يشبع بطونها ولا يشبع عيونها فتبيت وقد امتلأت أكراشها، لها من الكظة جرة، فتبقى الجرة حتى تستنزل بها الدرة.
قال: ائذن فدخل رجل من الموالي كان من أشد الناس في ذلك الزمان، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم. ولكن لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء. قال: قل كما تحسن، قال: أصابتني سحابة بحلوان، فلم أزل أطأ في إثرها حتى دخلت على الأمير.
قال: لأن كنت أقصرهم في المطر خطبة إنك لأطولهم بالسيف خطوة.
العرب تقول: لا أفعل ذلك ما اختلفت الجرة والدرة، واختلافها أن الجرة تصعد والدرة تسفل.
[سيار مولى معاوية]
وقيل مولى خالد بن يزيد بن معاوية دمشقي. سكن بالبصرة.
حدث سيار عن أبي أمامة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" فضلني الله على الأنبياء "، أو قال:" على أمتي " أو قال: " على الأمم بأربع: أرسلت إلى الناس كافة، وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجداً وطهوراً، فأينما أدركت