للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رجل]

من أهل دمشق. قال المهدي لطازاد الرومي: أخبرني ببعض ما رأيت. قال: كنت يوماً أسير على شاطئ نهر لا ينقطع إلا من موضع فيه صعوبة، فإذا أنا برجل يصلي، فخفف من صلاته. فقلت له: كأنك أضللت أصحابك، فإن أحببت أرشدتك للطريق. فقال كالمنتهر: امض لشأنك. فقلت له: كأني أراك معجباً بنفسك، فهل لك في البراز؟ قال: نعم. ووثب على فرسٍ له أنثى، ثم أوثبها النهر فإذا هو معي، ثم تجاولنا فلم أقدر عليه لثقافته، ثم قلت له: هل لك في المصارعة؟ فقال: ذاك إليك. فألقينا السلاح، فلما تجرد ازدريته لنحافته وقلت:

أنا محتمله بأهون أمر أو قاتله، أو ذاهب به أسيراً، وآخذ فرسه وسلاحه، ثم اتحدنا، فلم أصل منه إلى شيء، واعتقلني فإذا أنا تحته، ثم تناول سكيناً من خفه ليذبحني بها. فقلت له: هل لك إلى خير مما تريد بي، أن تعتقني فأكون مولاك، ولا أدع حفظك في كل مسلم أقدر عليه. فقال لي: ومن أنت؟ قلت: طازاد. فنهض عني وضربني برجله استخفافاً، ثم مال إلى النهر فغسل وجهه، ولبس سلاحه، وركب فرسه، وجاز النهر إلى الموضع الذي كان فيه. فقلت له: إني صرت مولاك فتبسم لي وأخبرني بموضعك ومنزلك. فأخبرني، وكتبته بطرف سكيني على صفة سرجي وكان طازاد رجلاً أيداً يأخذ الكبشين فيعلقهما بيده حتى يتناطحا ثم قلت له: إن من أصحابي عدة أمامك فأبقهم. فقال: امض لشأنك. ثم عرض له ناس من أصحابي فحمل عليهم، فقتل منهم أربعة، ثم أدركتهم فمنعت من بقي منهم من قتاله، وأمرت رجلاً من أصحابي أن يدخل عسكر المسلمين فيحرص على أن يسرق فرسه، ويأتيني بها. فدخل عسكرهم مستأمناً، فأقام أياماً لا يقدر على سرقتها، وذلك أنه كان يركبها نهاراً ويسرجها ليلاً، ويضع لجامها على قربوسه، ومخلاتها في رأسها ويصف قدميه حتى يصبح. فقال المهدي: بئس ما كافأته يا طازاد! فكتب المهدي إلى عامل دمشق في إقدام الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>