في حالة له خالياً، قضيت الحاجة أم لم تقض. فقال له سليمان: هاته. فجاء به، وقام سليمان يصلي، ثم قعد يخطر بأصبعه ويدعو. فقال الرجل حين نظر إلى سليمان في تلك الحال: أواه، أواه، أخطأت موضع حاجتي. ورجع خارجاً، وانصرف سليمان. فقال للخصي: أين صاحبك؟ فطلبه فوجده خرج وقال: ادفعوا الدنانير للخادم فإنه وفى بما ضمن. فطلبه الخادم فلم يجده، فرجع إلى سليمان فأخبره. فقال سليمان للخادم: بساطي عليك محرم أو تجيئني بهذا الرجل. فخرج الخادم وثقاته فتفرقوا في طلبه حتى ظفروا به يقود راحلته خارجاً من باب من أبواب دمشق، فقال له الخادم: ارجع إلى أمير المؤمنين فقد طلبك. فقال: لا حاجة لي به، وقد أمرت أن تدفع إليك الدنانير. فقال له الخصي: لا بد من الرجوع إلى أمير المؤمنين. فرده على كره منه إلى سليمان فقال له سليمان: ألم أخبر أنك جعلت لهذا مئتي دينار على أن يدخلك إلي؟ فقال الرجل: قد كان ذلك. قال سليمان: أفلم أرك؟ قال: بلى. قال: فما أخرجك؟ والله إن لك لخبراً. قال: أجل، خبر ضخم العنق، إن فلاناً ظلمني في أرض بالحجاز لي، فاستعديت عليه الوالي على ناحيتنا، فمال علي له، فلم أرض بذلك، واستعديت عليه الوالي الأكبر، فمال علي، فلم أرض بذلك، وقدمت إليك فلم أجد أحداً إلا يميل له علي، فجعلت لخادمك هذا الذي جعلت له على أن يوصلني إليك، فلما أوصلني إليك رأيتك تخطر بأصبعك إلى السماء تطلب من الله حاجتك وتضرع إليه، فعقلت بفعلك موضع حاجتي، وعلمت أني أخطأت في طلبها، ولم آتها من الموضع الذي ينبغي، فرجعت أطلبها من الموضع الذي تطلب أنت حاجتك. فبكى سليمان ثم قال: إن الذي طلبت إليه حاجتك قد قضاها، وكتب إلى الأموي بكل ما أحب، وأمره برد ما يدعي عليه، وأعطاه أيضاً ما يصلح به ضيعته وذلك بعد ما وصله سليمان وكساه، وأمر له بفرائض.
[رجل أجابه سليمان]
وطلبه ليقتله فهرب، فجعلت رسله تختلف إلى منزله يطلبونه، فلم يظفر به، وجعل الرجل لا يأتي بلدة إلا قيل له: كنت تطلب ها هنا. فلما طال عليه