قال: أيها الملك، ما زال أبي مسيئاً إلي، ولست أدع أن أقول الحق، وقد والله نصحك أبي، ثم أنشأ يقول:
فيا لك نصحة لما نذقها ... أراها نصحةً ذهبت ضلالا
ثم تركه أياماً وقال له: أيها الملك، ما تقول في حية قطعت ذنبها وبقي رأسها؟ قال: يطلب فأطفه، قال: فانظر بين يديك، قال: ذاك أبوك وصنيعه بالرجلين ما صنع، قال: أبيت اللعن! فوالله ما قدم رزاح إلا ليثأر بهما، فقال: وما آية ذلك؟ قال: اسقه الخمر ثم ابعث عليه عيناً يأتك بخبره، فلما انتشى صرفه إلى قبته ومعه بنت له، وبعث عليه عيوناً، فلما دخل قبته قامت ابنته تسانده فقال:
دعيني من سنادك إن حزنا ... وسهلاً ليس بعدهما رقود
ألا تسلين عن شبليك ماذا ... أضارهما إذا اهترش الأسود
فإني لو ثأرت المرء حزناً ... وسهلاً قد بدا لك ما أريد
فرجع القوم إلى الملك واخبروه ما سمعوا، فأمر بقتل النهدي ورد زهيراً إلى موضعه.
[رزام أبو قيس ويقال أبو الغصن]
ويقال أبو القصر، ويقال أبو القسر الكاتب، مولى خالد القسري
قال رزام: بعث بي المنصور إلى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، فلما أقبلت به إليه والمنصور بالحيرة وعلونا النجف، نزل جعفر بن محمد عن راحلته، فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة، فصلى ركعتين ثم رفع يديه؛ قال رزام، فدنوت منه فإذا هو يقول: اللهم بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمد عبدك ورسولك أتوسل؛ اللهم سهل حزونته، وذلل