قال: فاستوى أسماء بن خارجة جالساً، وقد اشتد جزعه، وهو يقول:" إنا لله وإنا إليه راجعون ". يا غلام يا غلام؛ فأتاه جماعة من غلمانه فوقفوا قريباً منه حيث يسمعون كلامه، فقال لأحدهم: يا فلان، إنه قد حدث الليلة في بعض أشرافنا حدث، فانطلق إلى منزل عكرمة بن ربعي التميمي، فانظر هل طرقهم شيء؟ فذهب الغلام ثم عاد فقال: ما طرقهم إلا خير؛ قال: فاذهب إلى منزل عبد الملك بن عبيد التميمي، فانظر هل طرقهم شيء؟ فذهب ثم عاد فقال: ما طرقهم إلا خير؛ ثم لم يزل يبعث إلى منازل أشراف الكوفة رجلاً رجلاً ممن يقرب جواره فيسأل عنهم، إذ قال له بعض جيرانه: أصلحك الله، ليس الأمر كما تظن؛ قال فما هذه النادبة؟ قال: هذه ابنة فلان البقال توفي أبوها فهي تندبه!.
فقال أسماء: سبحان الله، ما رأيت كالليلة قط؛ ثم أقبل على نسائه، فقال: عزمت على كل واحدة منكن إن حدث بي حدث أن تندبني نادبة بعد ليلتي هذه أبداً.
قال خليفة بن خياط: وفيها يعني سنة ست وستين مات أسماء بن خارجة، وهو ابن ثمانين سنة.
[أسود بن أصرم المحاربي]
من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى عنه حديثاً، وقدم الشام، وسكن داريا.
قال سليمان بن حبيب المحاربي: قدم أسود بن أصرم بإبل له سمان المدينة في زمن محل وجدب من الأرض، فلما رآها أهل المدينة عجبوا من سمانتها، فذكرت