حدث عن عبد الأعلى بن حماد الزينبي، بسنده إلى ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأول رجلٍ ذكرٍ ".
ولد محمد بن نصر المروزي سنة اثنتين ومئتين ببغداد، ونشأ بنيسابور، ورحل إلى سائر الأمصار في طلب العلم؛ وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام، ولو لم يصنف إلا كتاب القسامة لكان من أفقه الناس، فكيف وقد صنف كتباً سواه؟ قال أبو محمد الثقفي: سمعت جدي يقول: جالست أبا عبد الله المروزي أربع سنين فلم أسمعه طول المدة يتكلم في غير العلم، إلا أني حضرته يوماً، وقيل له عن ابنه إسماعيل، وما كان يتعاطاه: لو وعظته أو زبرته؛ فرفع رأسه وقال: أنا لا أفسد مروءتي بصلاحه.
قال أبو بكر أحمد بن إسحاق: ما رأيت أحسن صلاةً من أبي عبد الله، فلقد بلغني أن زنبوراً قعد على جبهته، فسال الدم على وجهه ولم يتحرك.
قالوا: وكان يضع ذقنه على صدره فينصب كأنه خشبةٌ منصوبةٌ، وكان الذباب يقع على أذنه فيسيل الدم ولا يذبه عن نفسه، وكان من أحسن الناس خلقاً، كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، وعلى خديه كالورد، ولحيته بيضاء.
كان إسماعيل بن أحمد والي خراسان يصل محمد بن نصر في كل سنةٍ بأربعة آلاف درهمٍ، ويصله أخوه إسحاق بن أحمد بأربعة آلاف درهم، ويصله أهل سمرقند بأربعة آلاف درهمٍ، فكان ينفقها من السنة إلى السنة، من غير أن يكون له عيال؛ فقيل له: لعل هؤلاء الذين يصلونك يبدو لهم، فلو جمعت من هذا لنائبةٍ؟ فقال: يا سبحان الله، أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنةً، فكان قوتي وثيابي وكاغدي وحبري وجميع ما أنفقه على نفسي في السنة عشرين درهماً فترى إن ذهب هذا لا يبقى ذاك؟