حدث أبو مروان قال: سمعت البطال يحدث قال: خرجت ذات يوم متوحداً على فرسي لأصيب غفلة - أو منفرداً متسمطاً مخلاة فيها عليق فرسي، ومنديل فيه خبز وشواء. فبينا أنا أسير إذ مررت ببستان فيه بقل طيب، فنزلت، فعلقت على فرسي، وأصبت من ذلك الشواء ببقل البستان إذ أسهلني بطني، فاختلفت ماراً، فأشفقت من دوائه وضعفي عما يجيء علي من الركوب، فبادرت فركبت، ولزمت طريقاً، واستفرغني على سرجي كراهية أن أنزل فأضعف عن الركوب حتى لزمت عنقه مخافة أن أسقط عنه، وذهب بي، ولا أدري أين يذهب بي إذ سمعت وقع حوافره على بلاط، ففتحت عيني فإذا دير، فوقف في وسط الدير، وإذا نسوة يتطلعن من أبواب الدير. فلما رأين أنه لا تبع لي، ورأين حالي وضعفي عن النزول خرجت صاحبة منهن حتى وقفت علي، ونظرت في وجهي، وعرفت من حالي، ورطنت لهن تحتسب علي، فأمرتهن فنزعن ثيابي وغسلن ما بي، ودعت بثياب فألبستنيها وترياق أو دواء فشربته، ثم أمرت بي فجعلت على سرير لها ودثار، وامرت بطعام فهيئ لي، فأتيت به، وأقمت يومي ذاك. وتلك الليلة مسبوتاً، لا ادري ما أنا فيه، وأصبحت من الغد على ضعف من الركوب، وأقمت ليلتي ويومي وليلتي، فذهب عني السبات، وأنا ضعيف عن الركوب، حتى كان في اليوم الثالث جاءها من يخبرها أن فلاناً البطريق قد أقبل في موكبه، فأمرت بفرسي فغيب، وأغلق علي باب بيتي الذي أنا فيه، ودخل البطريق، فانزلته منزلاً، واقتفت به وبأصحابه، وأسمع بعض النسوة تخبر أنه خاطب لها، فبينا هو على ذلك إذ جاءه من يخبره عن موضع فرسي وإغلاقهم علي، فهم ان يهجم علي، فأقسمت لئن تعرضني لا نال حاجته، فأمسك، وأقام قائلة ذلك اليوم في قرى ثم تروح، وخرجت، فدعوت بفرسي، فخرجت إلي فقالت: إني لا آمن أن يكمن لك، دعه يذهب، فأبيت عليها وركبت، فقفوت الأثر حتى لحقته، وشددت عليه، فانفرج عنه أصحابه فقتلته، وطلبت أصحابه فهربوا عني، وأخذت فرسه وسمطت رأسه، ورجعت إلى الدير فألقيت الرأس، ودعوتها ومن معها من نسائها