سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عز وجل عليهم، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس به عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بن من حضر من المسلمين. واترك الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء.
وعن إبراهيم السلمي قال: لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر: اقسمه بيننا فإنا فتحناه غنوة. فأبي وقال: فما لمن جاء بعدكم من المسلمين؟ وأخاف إن قسمته أن تفاسدوا بينكم في المياه. قال: فأقر أهل السواد في أرضيهم، وضرب على رؤوسهم الجزية وعلى أرضيهم الطسق.
قال أبو عبيدة: يعني بالطسيق: الخراج.
وعن عتبة بن فرقد قال: اشتريت عشرة أجربة من أرض السواد على شاطئ الفرات لقضب لدوابي فذكرت ذلك لعمر فقال لي: اشتريتها من أصحابها؟ قلت: نعم. قال: رح إلي فرحت إليه فقال: يا هؤلاء، أبعتموه شيئاً؟ قالوا: لا، قال: ابتغ مالك حيث وضعته.
وأما ما روي عن علي رضي الله عنه وعن حارثة بن مضرب عن عمر أنه أراد أن يقسم السواد بني المسلمين فأمر أن يحصوا، فوجد الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين، فشاور في ذلك فقال له علي بن أبي طالب: دعهم يكونوا مادة للمسلمين فتركهم. وبعث عليهم عثمان بن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر، وبهذا كان يأخذ سفيان بن سعيد وهو معروف من قوله إلا أنه كان يقول: الخيار في أرض الغنوة إلى الإمام إن شاء جعلها غنيمة فخمس وقسم، وإن شاء جعلها فيئاً عاماً للمسلمين ولم يخمس ولم يقسم.
قال أبو عبيد: وليس الأمر عندي إلا على ما قال سفيان إن الإمام مخير في العنوة بالنظر للمسلمين والحيطة عليهم بين أن يجعلها غنيمة أو فيئاً.