كان المنصور يسأل مالك بن أدهم كثيراً عن حديث عجلان بن سهيل أخي حوثرة بن سهيل، قال: كنا جلوساً مع عجلان إذ مر بنا هشام بن عبد الملك، فقال رجلٌ من القوم: قد مر الأحوال؛ قال: من تعني؟ قال: هشاماً؛ قال: تسمي أمير المؤمنين بالنبز، والله ولولا رحمك لضربت عنقك؛ فقال المنصور: هذا والله الذي ينفع مع مثله المحيا والممات.
قال مالك بن أدهم: غزونا الصائفة مع معاوية بن هشام، فلما قفلنا وقدمنا وفداً إلى هشام، قدم وفد البحر، فأذن لنا هشام جميعاً فدخلنا عليه، وقام خطيبنا، فتكلم فأحسن، ثم قام خطيب البحر من الموالي فبذ خطيبنا كلاماً.
قال: وقد كان بعث البحر نكبوا قبل ذلك ثلاث غزوات؛ فقال خطيب البحر في كلامه: يا أمير المؤمنين إن لكل شيء إسطاماً وإن إسطام الموالي العرب، فإن كان لك بثغرك في البحر حاجةٌ فاسطم الموالي بالعرب، فإنه أحسن لذات بيننا وأسخى لأنفسنا وأهيب لنا في صدور عدونا؛ قال هشام: صدقت ونصحت؛ فقطع البعث على الموالي والعرب.
قيل: إن مالكاً بلغ مئة سنةً، وصحب المنصور، والله أعلم.
نجز الجزء الثالث والعشرون من تاريخ دمشق ويتلوه في الرابع والعشرين إن شاء الله عز وجل مالك بن أسماء بن خارجة علقه عبد الله محمد بن المكرم بن أبي الحسن الأنصاري الكاتب عفا الله عنه وفرغ في العشرين من شهر رجب الفرد سنة أربع وتسعين وست مئة أحسن الله تقضيها الحمد لله رب العالمين كما هو أهله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلامه حسبنا الله ونعم الوكيل /